ليت الزمن يعود إلى تلك الأزمنة أفضل وأشرف لنا من اعلام فاسد مأجور

 
2012-07-15 19:22:02

يشكل الإعلام بوسائله المختلفة، المكتوبة والمرئية والمسموعة، ركيزة من ركائز المجتمعات الحديثة، وهو أداة لها دور كبير في التأثير على الرأي العام وفي تحديد السياسات والتوجهات، إضافة إلى دوره التقليدي في نقل المعلومات ونشر الحقائق. ومهما كثر الحديث عن وسائل الإعلام والأدوار التي تؤديها على مختلف الأصعدة، تبقى الإضاءة عليها أمراً ضروريا خصوصاً في ظل الأحداث التي تدور اليوم في مختلف أنحاء العالم ودور الإعلام فيها.
وفي هذا السياق، يؤكد الشيخ فهد سالم العلي الصباح أن تقييم الإعلام يتطلب تحديد رؤية شاملة للمشاكل التي تواجه الاعلام والتي هي كثيرة، مما ينتج صعوبات ناجمة عن حال جوهرية تتمثل بمتابعة حلقات التطور الاعلامية وما يجري في أجواء تاريخية واجتماعية محسوسة.
ويضيف أن الإعلام من وجهة النظر التاريخية أداة من أدوات الحضارة وأساس نشأتها وتطورها واستمرارها، وقد تشكل نتيجة عملية تاريخية ارتبطت ارتباطاً مباشراً ووثيقاً بالإنسان منذ أن خلقه الله عز وجل على وجه الأرض، بفعل استقرار الإنسان أي بداية استقرار الوحدة الإجتماعية الصغرى أي الأسرة، وصولاً إلى القبيلة ثم الدولة وكل ذلك أدى إلى تنظيم علاقة الإنسان بالجماعة التي تحيط به، موضحاً أن مقولة أن الإعلام له دور في التعليم والتربية تعود إلى أن الإعلام في التاريخ كان متمثلا بالرجل المعلم والحكيم والمراقب المكلف استطلاع حالة الطقس، ويضيف متأسفاً أن أن الرجل الحكيم والمعلم غاب اليوم عن الإعلام ولم يبق سوى المراقب.
ويواصل الشيخ فهد حديثه عن الماضي مشيراٌ إلى العصر اليوناني حيث كانت خطابات الخطباء السياسيين في الملاحم تروي بطولات الحروب، أما اليوم فيرى أن مصائب الخطباء في أيدي الشعب والشعب في أيدي أصحاب الفتن والمفسدين وهذا الأمر يخيفه، والأصعب من ذلك أن "الإعلام بات وسيلة لنشر دعاياتهم المليئة بالالغام التي يزرعها أصحاب الاقلام المأجورة لإغراء الفتن لتشتعل في مجتمعنا الكويتي وهذا همي"، على حد قوله.
ويضيف الشيخ فهد أن "لا دين يحكمنا اعلاميا لأن الكفر والنجاسة ليس من صلب الدين الاسلامي والمسيحي وهذا كل مصائبنا.."، مشيراً إلى النوع الجديد من الإعلام الذي عرفته الإمبراطورية الرومانية والذي تمثل في رسالة المبشرين المسيحيين الأوائل، حيث كان الدين في تلك الحقبة يعتبر وسيلة هامة للسلام.
ويتمنى أن يعود الإعلام إلى تلك الأزمنة قائلاً " فليت الزمن يعود إلى تلك الأزمنة أفضل وأشرف لنا من اعلام فاسد مأجور، وإذا كان غير ذلك يحارب فهم عمدوا على تطوير الاعلام ليخدمهم بابتداع الفتن ونشر الأكاذيب.. هل من أحد يملك الجراة لينكر ما أقوله..؟".
وإذ يؤكد الشيخ فهد أن الدين الإسلامي بقيمه يشكل أساس ثقافتنا، فلا شيء في الاسلام يبرر الفساد الاخلاقي والتربوي وحتى السياسي كون التربية والاعلام اداة من أدوات السلطة، يشير إلى أنه بالعودة إلى الوراء نجد الوقائع الناطقة بوجود الاعلام كوسيلة هامة في إجتناب الحروب ويتعاطى بإسلوب حضاري يتجلى في إنتقال الحضارات بين الأقطار المختلفة مع الجيوش الفاتحة، مضيفا " أما اليوم ماذا نرى جيوش إعلامية تدمر وحضارات متناسية يتناسوا حضارتنا الاسلامية دون أن يفكروا أن التاريخ يسجل وهذا ما أنذر به اليوم وأدعو ما يسمى السلطة إلى مراجعة ما يحدث في الاعلام"، ويستذكر اشتهار الإعلام في العصور الإسلامية وخاصة في الجزيرة العربية بسوق عكاظ، والذي كان يعتبر من أهم الملتقيات الثقافية والسياسية عبر التاريخ حيث كانت القبائل العربية ترسل أبلغ شعرائها إعلاماً عن فصاحتها وحصافتها وكان ذلك فخر لكل قبيلة، أما اليوم صار الاعلام منبراً لشتم القبائل وشتم الشعوب وتضليل الحقائق.
ولدى سؤاله عن التطور الذي شهده الإعلام عبر التاريخ، يوضح الشيخ فهد أن الإعلام تطور عبر مراحل وحقبات تاريخية عدة، إلى أن بدأ بصياغة الفكر العالمي وصياغة للحضارة، مع الأخذ بعين الإعتبار نظرية التحولات والتراكم حيث أصبح تاريخ الإتصال الإنساني الحضاري خليطاً أو مركباً من أنظمة الأتصال، واليوم بات الإعلام أحد الأعمدة الرئيسية في حياتنا، فالحضارة الإنسانية تعتمد على اللغة أولاً وأخيراً وكل لغة تتضمن مفردات تخصها، لها جوهرها وحرارتها وذاتها وروحها.

القيمون على الإعلام يريدونه مخصصا لنقل الشتائم للقبائل والافراد
وعن الهدف من إنشاء عدة قنوات إعلامية بلغات متعددة، يعتبر الشيخ فهد أن أن عملية الاتصال مرت عبر طرق ومستويات عديدة في مجال التعبير اللغوي، أي أن اللغة كانت العامل المهم في عملية الاتصال. فالعالم اليوم أصبح متذوقاً للجمال الأدبي وحتى في المستوى النظري المستخدم في العلوم والمستوى الإجتماعي والسياسي ذو الهدف النـزيه. وهنا لا بد من الإشارة إلى اللغة العربية، لغة تتمتع بسحر لغوي يميزها عن غيرها وهي التي وحدت العرب وظلت هي الوحدة القوية المتماسكة رغم كل الغزو الذي عاشه العرب فارضاً بدوره علينا انماط وسلوكيات عديدة وبفضل الأصالة العربية بقيت تحتفظ بحرارتها بل زادت توهجاً وقدرة على مواجهة كل أنواع التهديدات المباشرة أو الغير المباشرة، ويضيف أن الإعلام العربي، كونه ناطقاً باللغة العربية، عليه أن يحترم هذه اللغة ويحرص حين يستخدمها لنقل القضايا السياسية والاجتماعية وغيرها، وعليه التحدث عن مشاكلنا بموضوعية، حيث لا ينحصر دوره على ذلك بل يمتد إلى أبعد من ذلك، وهو إيجاد السبل لمعالجتها مراعياً النظريات والمبادئ الاعلامية، ويشدد الشيخ فهد على أن عملية نقل المعلومات والمعارف والثقافات والقضايا الفكرية والسلوكية لا تكون باعلام متخبط و مسلوب الحقوق، أو اعلاما يستخدم لنقل الشتائم، وخاصة إذا كان القيمون عليه يريدونه مخصصا لنقل الشتائم للقبائل والافراد، فالإعلام عليه أن يوصل الخبر دون تشويه أو تحيز ويتجرد من ميوله واتجاهاته وعواطفه وكل ما يؤثر على اتجاه احكامنا وتقديراتنا، لأنَّ الإعلام في عالمنا اليوم وبعد كل التطور الحاصل في التكنولوجيا أصبح له دور أساسي في التربية والتعليم والتثقيف، بعد أن كانت المدرسة هي الوحيدة التي من شأنها تعليم الاجيال، بحسب الشيخ فهد دائماً.
ويتابع الشيخ حديثه معتبراً أن الفكرة تكمن في ايجاد وسائل هدفها توسيع دائرة معارفنا، فالحضارات هي كنوز الشعوب بما تتضمنه من علم ومعرفة وثقافة، والحضارة الاسلامية شعاعها التي كنا من خلالها نريد للعالم أن يعرفها بلغته، بالاضافة إلى البرامج التثقيفية التي تعرف الحضارات الاخرى لنتقارب بالمعرفة وبالتالي عندما تتقارب الشعوب من بعضها البعض ثقافيا تستطيع أن تتواصل وتعمل بموجب المشاركة من اجل نشر وتعليم مبادئ الحرية والديمقراطية والحقوق الاجتماعية والسياسية وغيرها.

 

الممارسات التي تمارسها السلطة تجعلنا نرثي ليس فقط حاضرها بل مستقبلها ومستقبل الوطن
وهنا يتساءل الشيخ فهد عن الجريمة التي يرتكبها مركز فهد سالم لحوار الحضارات بامتلاكه قنوات عدة بلغات مختلفة، وعن الجريمة التي ارتكبتها قناة مباشر ليصدر بحقها أحكام عدة؟ ويقول مستغرباً " هل نحن كقناة مباشر سرقنا البلد.. أو عمدنا على تشويه الحقائق.. أو نحن من اغتصبنا القوانين.. أو هل نحن من وسوس في عقول بعض اعضاء مجلس الأمة ليصبحوا بما عرف "مجلس القبضية" .. أو أيعقل أننا من حملنا العصا السحرية وسحرنا بعضهم ليتستروا على الحكومة السابقة وحتى الحالية فأصبحوا شهود زور..؟". ويضيف أن الحرب أعلنت عليه بإعاقة عمل مركز فهد السالم الذي نجح بجمع كبار المدافعين عن حقوق الانسان والحريات في مؤتمره الدولي الأول، مشيراً إلى أن مركز فهد سالم يحمل هدفاً كان على الدولة تحمله وهو تعزيز قدرات الشباب وحثهم على العلم وتعليمهم اصول الديمقراطية والحرية.. ويؤكد في الوقت نفسه أنه يثق بأن " العدل أساس الملك".
وعن سبب لجوئه إلى الشعر لرثاء الحكومة وذلك من خلال مقال نشر في موقع المستقبل الالكتروني تحت عنوان "بالشعر.. أرثي الحكومة"، يقول الشيخ الفهد "بالشعر نرتقي"، فالشعر كان قناة اعلامية بارزة وقناة راقية علنية، لو عدنا إلى هذه المرحلة نراجع انفسنا ونتذكر حال ما كان عليه كبار الشعراء كيف كانوا يصغيون الحقائق ويصنفون الناس، مضيفا أنه فعل ما فعلوا لأنه اليوم كما قال "سوف اتسلح بالتاريخ ليبقى لدي أمل بوطني لأننا ومع كل هذه الممارسات التي تمارسها السلطة تجعلنا نرثي ليس فقط حاضرها بل مستقبلها ومستقبل الوطن وحاضره أسير لديها".
وختم حديثه داعياً إلى التسلح بالوحدة الوطنية للاستعداد والتأهب كون المرحلة المقبلة ستكون مفتوحة على احتمالات عدة.

 

 

المصدر: صيدا أونلاين