القطار الذي لن يصل ابداً...

 
2015-06-22 23:45:47

ﻷن الكلام هو بداية الفعل، ومرآة الفكر، وصورة دقيقة شاملة لما يجول ويدور ويثور في عمق اﻹنسان، نتكلم لنكون مسؤولون امام الله بكل جملة وكلمة وحرف نطق به فكرنا واعلنه لساننا، فالكلام ليس مجرد أصوات تعلو لتملىء المكان، بل هو مسؤولية وواجب علينا ان نكون عارفين ماذا نقول والى أين تتجه الكلمة بأبعادها ومعانيها..وفعلِها على اﻷرض .

فالذي يكتب مقالاً مثلاً عن الديمقراطية باعتبارها السبيل الأمثل للحكم لا نجده يتوانى عن خدمة الديكتاتور والترويج للديكتاتورية بطرق غير مباشرة غالبًا. وأسوأهم من ينادي بالحريات وضرورتها لكل البشر ويرفع شعارات من نوع احترام الرأي والرأي الأخر، ولكنه لا ينفك يحارب خصومه باستعداء السلطة وتحريضها عليهم كلما أعيته الحيلة بمقارعة الفكرة بالفكرة والرأي بالرأي، ونجده يلاقي استحسان السامعين والمهللين... 

 وهذا ما نعانيه بشكل عام في مجتمعاتنا، وهكذا هم  يرمون كلامهم ويمشون كما يرمي مجنون ضحكته في الهواء..يقولون الكلام فقط ﻷجل الكلام ..وكثيرا ما نجد أحدهم ينظم خطبة في قمة الجمال والقوة، خطبة تبدأ بالشعر، تتوج بالموعظة، وتكاد ان تشعل ثورة  لتصل الى شموخ الوطن وحقوق المواطن كاملة، فيعلو التصفيق.. يعلو يعلو ويعلو في فضائنا الذي يتسع للكثير من الفراغ ..للأسف نسمع خطابات واهنة ..ليجد الإنسان نفسه معزولا عن (العرب والعروبة ..اﻷخوة والنخوة ..اﻷرض والعرض .. الكرامة واﻹهانة .. و و و ) جميعها اي خطاباتهم اثبتت مع الوقت أنها أدوات وشعارات رنانة كلما تغنينا بها كلما ارتفعت وتزايدت الجدران فيما بيننا..كلام يبقى فقط لا يصلح الا للغناء، والقضايا تحتاج لفعل وعزيمة وإرادة .. وهكذا نبقى نحن في انتظار الكلمة.. بإنتظار وحدتنا العربية اﻵتية في قطار الكلام، القطار الذي لن يصل ابدا...