العنف يؤدي إلى الجريمة

 
2013-09-23 11:43:07

بالإمكان القول بأن العنف هو أقصر الطرق إلى الجريمة، من هنا يمكننا النفاذ إلى رؤية الاسلام للجريمة وموقفه الصارم في محاولة القضاء عليها انطلاقاً من تجفيف منابعها وقطع دابر مرتكبها عن طريق الضبط الدقيق والمتوازن بين الحقوق والواجبات وتوفير الحقوق الموضوعية للمسلم ومن ثم يلزمه بعدم تعدي حدود الله الشرعية التي أمر سبحانه بالالتزام بها وبموازاة تعدد الجرائم تعدد الحدود وتتناسب العقوبات.

ونظراً لهذا التعدد أمكننا ان نصنف الجرائم على عدة مجموعات:

أولا: الجرائم الفردية التي يرتكبها فرد بذاته وهي قد تتعلق بالقتل أو بالسرقة أو بانتهاك حرمات المسلمين وما إلى ذلك.

ثانياً: الجرائم المتعلقة بتشكيل عصابات خارجة على القانون والتي قد تحدث خللاً في المجتمع وتعمل على المساس بالسلام الاجتماعي، وتعكير دورة الحياة عن طريق العنف والجريمة المنظمة.

ثالثاً: الجرائم المتعلقة بمحاربة العقيدة الاسلامية والدعوة إلى الافساد في الارض واحداث الفتن والانحراف بالناس عن الطريق القويم.

ومهما كان نوع الجريمة، فإن الاسلام يقف موقفاً لا هوادة فيه، فاستحدث لكل نوع منها العقوبة المناسبة لها فجعل من مهمة القضاء عليها أولوية لا بدّ منها فجعل العقوبة عليها، واعد للمجرمين في الآخرة عذاباً عظيماً.

والأمر اللافت أن الاسلام وبما امتاز به من نزوع إلى العفو والمغفرة فقد دعا إلى التوبة النصوح سبباً ومقدمة للتجاوز عن الذنوب وغفرانها فيعود المذنب بعد التوبة كمن لا ذنب له.

ولكن هذه القاعدة المرتكزة إلى العفو والمغفرة لا تكون لازمة في جرائم الإفساد في الارض عن طريق السياسة الملتوية والتجمعات المستحدثة تحت عناوين براقة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

هنا يتبدل الأمر ويأتي موقف الاسلام صريحاً واضحاً في التعاطي مع المفسدين في الأرض، حيث تقول الآية رقم 33 في سورة المائدة:

" إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا  وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ "

هذه الشدة في العقاب تاتي مناسبة للخطر المترتب على هذا النوع من الجرائم الموصوفة التي تهدف إلى الانحراف بالانسان عن جادة الصواب وتذهب به بعيداً عن الفطرة السليمة والتعاليم المقدسة.

وقتل النفس التي حرم الله قتلها ظلماً بغير حق عمل يمثل جريمة خطرة حتى ولو كانت فردية فإنها كما جاء في سورة المائدة آية 32 "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ".