ها هي مظاهر التراجع للوراء..

 
2015-07-05 00:19:03

سئل الأديب برنارد شو عن توزيع الثروة في العالم فقال: "الثروة في العالم كالشعر في رأسي، غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع"، وكان برنارد شو أصلع الرأس بشكل واضح فيما كانت لحيته بغاية الغزارة.

ربما كانت هذه الفكرة صالحة في الحديث عن مظاهر تردي الأحوال في مجتمعنا العربي والإسلامي، حيث يمكن للمراقب أن يرى هذه المظاهر في أساس بنية هذا المجتمع الذي يمتاز بتراكم الثروة في مكان، وتعاظم البؤس في أمكنة أخرى، من هنا كانت المعاناة مزدوجة التأثير، هنا معاناة من التخمة...وهناك معاناة من الحرمان!.

المؤسف أننا لم نستطع المحافظة على ثبات أوضاعنا على وضع مستقر ثابت، ولم نحاول حتى إيقاف الانحدار نحو الأسوأ، في حين نجحت شعوب تشبهنا، بالدخول الى القرن الواحد والعشرين، والوصول الى قمة التكنولوجيا والى الانتاج الصناعي المتطور، والسيطرة على الاسواق في أميركا وأوروبا، بينما نحن لم نزل مستهلكين في غاية البعد عن الانتاج التفوق... ليت الأمر ثبت عند هذا الحد، ولم تنحدر الأمور الى المزيد من التردي بحيث زادت نسبة الأمية، وعظمت مستويات الفساد، وتكرست الطائفية البغيضة، وهيمن التطرف واتخذ الإرهاب طريقه بنجاح الى مراكز القرار ومكامن الثروة على حساب الحرية والديمقراطية والإعتدال..

من هنا كانت الهوّة تتسع بين بلادنا وبين العالم المتحضر ...

فقد انعدمت خطط التنمية، وهيمن الاقتصاد الريعي، وبالتالي تكرّس الواقع وراح الأمل بالخلاص يتراجع في ظل الفتن والحروب الثابتة والمتحركة التي أصابت مجتمعاتنا في الصميم، وصار مصيرنا مرتبطاً بمصالح القوى الكبرى التي لا يعنيها إلا مصالحها المباشرة التي تعمل على تأمينها بمختلف الوسائل، ما كان منها مشروعاً وما لم يكن الأسوأ من مظاهر التخلف، فيما الشعوب قد اعتادت عليها ولم تعد تراها بعين الرفض وعدم القبول، الأمر الذي ساهم في زيادة خطرها وتكريسها حقيقة ماثلة كجزء من حياة، وكنمط من أنماط الوجود، بحيث لم نعد ننظر بعين الرفض الى زيادة نسبة الأميّة في الأجيال الصاعدة، ولم نعد نعطي هذا الأمر الأهمية التي تستحق، ولم نعمد الى محاربة الأمية تمهيداً لنشر الثقافة وبعث التنوير، وفتح النوافذ على الحضارة التنوير.

لم نعمل على اقامة مراكز الأبحاث والدراسات في محاولة للدخول الى العصر ومواكبة التطور المدهش الذي شهدته الانسانية، وبقينا نحن خارجه بشكل لافت، لم نفعل شيئا لمحاربة المرض والجهل والبؤس، فبقيت منطقتنا بؤرة تخلف معسكرات تطرف واحتراب...

المؤسف اننا فاشلون كجماعات وشعوب، فمازلنا قبائل نتقاتل، وتجمعات لا همّ للواحدة منها الا أن تلغي الأخرى وتجهد في سبيل تدميرها، عوضاً عن التكامل معها وامتلاك وسائل القوة والاتحاد معا من اجل الخير والرفاه.